ليلة القدر خير من ألف شهر (قال رسول الله: «إنَّ لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها؛ لعله أنْ يصيبكم نفحة منها، فلا تشقون بعدها أبدًا»...)
قال رسول الله: «إنَّ لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها؛ لعله أنْ يصيبكم نفحة منها،قال رسول الله: «إنَّ لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها؛ لعله أنْ يصيبكم نفحة منها، فلا تشقون بعدها أبدًا»...
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فلقد منَّ الله تبارك وتعالى على أمَّة محمد بأَنِ اختصَّها على غيرها من الأمم بخصائص عديدة، من هذه الخصائص تلك الليلة المباركة التي هي خير ليالي العام على الإطلاق، والتي نزل فيها القرآن الكريم[ ] ، ويُكتب فيها ما يكون في سنتها من موت وحياة ورزق ومطر، وقد جعل الله عزَّ وجلَّ العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر؛ قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر[ ] : 1-5].
فضل ليلة القدر:
وفضائل ليلة القدر كثيرة وعظيمة، من حُرم خيرها فهو المحروم حقًّا، ومن وفقه الله عزَّ وجلَّ لقيامها فهو الفائز السَّعيد، ومن فضائل ليلة القدر أنَّها ليلة مباركة نزل فيها القرآن الكريم على النبي[ ] ؛ قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: 3]، وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]، القدر فيها تكتب الآجال والمقادير؛ قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4].
وعن ربيعة بن كلثوم قال: "سأل رجلٌ الحسن ونحن عنده، فقال: يا أبا سعيد، أرأيت ليلة القدر؟ أفي كل رمضان[ ] هي؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو، إنَّها لفي كل شهر رمضان، إنها ليلة يفرق فيها كل أمر حكيم، فيها يقضي الله عزَّ وجلَّ كل خلق وأجل وعمل ورزق إلى مثلها" (الإبانة لابن بطة).
وعن مجاهد في قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39]، قال: إنَّ الله ينزل كلَّ شيء في ليلة القَدْر، فيمحو ما يشاء من المقادير والآجال والأرزاق، إلاَّ الشقاء والسَّعادة، فإنَّه ثابت العمل فيها خير من عمل ألف شهر؛ قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر :3]، القدر أنَّ قيام ليلها سبب لغفران الذنوب[ ] ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله: «من قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه »(متفق عليه).
من حرمها فقد حُرم؛ فعن أنس بن مالك قال: دخل رمضان، فقال رسول الله: «إنَّ هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حُرمها، فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا مَحروم» (صحيح سنن ابن ماجه).
إنَّ الملائكة[ ] َ تلك الليلةَ أكثر في الأرض من عدد الحصى، يَقْبَلُ الله التوبة[ ] َ فيها من كل تائب، وتفتح فيها أبوابُ السماء، وهي من غروب الشمس إلى طلوعها، وعلى كل من الحائض والنفساء أن تحسن العملَ طوال الشهر؛ حتى يتقبل الله منهن، ولا يحرمهن فضل هذه الليلة؛ قال جويبر قلت للضحاك: "أرأيت النفساء والحائض والمسافر والنائم لهم في ليلة القدر نصيب؟"، قال: "نعم، كلُّ مَن تقبَّل الله عمله، سيعطيه نصيبه من ليلة القدر".
شؤم المشاجرة والمُلاَحاة، رفعت معرفةُ ليلةِ القدر بسبب الشجار، والمخاصمة، والتنازع؛ فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالتَمِسُوهَا فِي التِّسْعِ وَالسَّبْعِ وَالخَمْسِ» ، فالتنازع والتشاجر سبب في رفع البَركة، وفي رفع الخير الذي يحدث لهذه الأمة.
الاختلاف في تحديد ليلة القدر:
اختلف العلماء[ ] في ليلة القدر اختلافًا كثيرًا، وقد أورد الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الفتح" أكثر من أربعين قولاً فيها، منها أنَّها رُفعت، ومنها أنَّها في جميع السنة، ومنها أنَّها في جميع ليالي رمضان، ومنها أنَّها أول ليلة من رمضان، وأنها ليلة النصف، وأنها ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وسبع وعشرين وغير ذلك من الأقوال.
دليل من قال هي ليلة إحدى وعشرين:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّه قال: كان رسول الله يعتكف العشر الوسطى من رمضان، فاعتكفَ عامًا حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة التي يخرج صبحها من اعتكافه؛ قال: «من كان اعتكف معي، فليعتكف العشر الأواخر، وقد رأيت هذه الليلة، ثم أنسيتها، وقد رأيتني أسجد من صبيحتها في ماء وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر»؛ قال أبو سعيد الخدري، فأمطرت السماء تلك الليلة، وكان المسجد على عريش، فَوَكَفَ المسجد، قال أبو سعيد رضي الله عنه فأبصرت عيناي رسول الله انصرف علينا، وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة ليلة إحدى وعشرين؛ ولهذا كان أبو سعيد يقول: إنَّ ليلة القدر هي ليلة إحدى وعشرين؛ استنادًا إلى هذا الحديث عن النبي.
دليل من قال هي ليلة ثلاث وعشرين:
عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال: قلت لرسول الله: إنِّي أكون بباديتي، وإنِّي بحمد الله أصلي بهم، فمُرني بليلة من هذا الشهر أنزلها إلى المسجد، فأصليها فيه، فقال: «انزل ليلة ثلاث وعشرين، فصلِّها فيه، فإن أحببت أن تستتم آخر الشهر فافعل، وإن أحببت فكف»، قال: فكان إذا صلى العصر، دخل المسجد، فلم يخرج إلا في حاجة حتى يصلي الصبح، فإذا صلى الصبح، كانت دابته بباب المسجد، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "تذاكرنا ليلة القدر، فقال رسولُ الله: «{c}{c}كم مضى من الشَّهر؟{c}{c}»، قلنا: اثنتان وعشرون، وبَقِيَ ثمان، فقال: «{c}{c}مضى اثنتان وعشرون، وبقي سبع، اطلبوها الليلةَ{c}{c}»، الشهرُ تسع وعشرون"
دليل من قال هي ليلة سبع وعشرين:
عن زِرٍّ، قال: "قلت لأُبي بن كعب رضي الله عنه: أبا المنذر، أخبرنا عن ليلة القَدر، قال: فإن ابن أم عبد، يقول: مَن يقمِ الحول يصبها، فقال: رَحِمَ الله أبا عبد الرحمن، أما إنَّه قد علم أنَّها في رمضان، ولكن كره أنْ يُخبركم، فتتَّكلوا، هي -والذي أنزل القُرآن على محمد- ليلة سبعٍ وعشرين، فقُلنا: يا أبا الْمُنذر، أنَّى علمتَ هذا؟ قال: بالآية التي أخبرنا النبي، فحفظنا وعددنا، هي والله لا نستثني، قال: قلنا لزِر: وما الآية؟ قال: تطلع الشمس كأنَّها طاس، ليس لها شعاع".
هذا والرَّاجح أنَّها في العشر الأواخر من رمضان؛ فعن عائشة[ ] َ رضي الله عنهما قالت: كان رسولُ الله يُجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: «تَحرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان»، وعنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تَحرَّوا ليلةَ القدر في الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان»، قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: ينبغي أنْ يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعها، كما قال النبي: «تحروها في العشر الأواخر» ، وتكون في السبع الأواخر أكثر وأكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين، كما كان أُبَي بن كعب يحلف أنَّها ليلة سبع وعشرين. اهـ.
ولا شك أنَّ الحكمةَ في إخفاء ليلةِ القدر أنْ يَحصل الاجتهادُ في التماسها وطلبها.
علاماتُ ليلة القدر:
وَرَدَ لليلةِ القدر علاماتٌ، منها أنَّها ليلة بلجة منيرة، وأنَّها ساكنة لا حارة ولا باردة، وأنَّ الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء مستوية، ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر.
طلب العفو والعافية في ليلة القدر:
سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها النبي: ماذا أقول إنْ وافقت ليلة القدر؟ قال لها النبي: «قولي: اللهم إنك عفوٌّ تُحب العفو فاعف عني» ، ولو تأمَّلت أخي في جواب النبي تَجد أنَّ هذه الكلمات تجمع للإنسان خيري الدُّنيا والآخرة، بأنْ يسلم من البلاء في الدُّنيا، ومن العذاب في الآخرة، فإذا عُوفي الإنسانُ في دُنياه وآخرته، كان مآله إلى الجنة[ ] ولا بُدَّ.
فبالعافية تندفع عنك الأسقام، ويَقيك الله شرها، ويَرفعها عنك إن وقعت بك، وبالعافية يقيك الله شَرَّ ما لم ينزل من البلاء، وتستشعر نعمةَ الله عليك، وقد علَّمنا النبي أنْ نقول عند رُؤية المبتلى -سواء في دينه أم في بدنه وأهله وماله-: الحمدُ لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً، وبيَّن لنا أنَّها بمثابة الْمَصْل الواقي من طروء مثل هذا البلاء.
فمن قالَها عند أهل البلاء، لم يصبه ذلك البلاء، وقد ثَبَتَ عن النبي أنَّه كان يسأل ربَّه العفو والعافية والستر والأمن والحفظ في كل يوم وليلة؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الكلمات إذا أصبحَ وإذا أمسى: «اللهم إنِّي أسألك العافية في الدُّنيا والآخرة، اللهم إنِّي أسألك العفو والعافية في ديني ودُنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك من أنْ أغتال من تحتي»؛ "الأدب المفرد"، و"سنن الترمذي"؛ قال الشيخ الألباني[ ] : صحيح، وأتى النبيَّ رجلٌ، فقال: يا رسول الله، أيُّ الدعاء[ ] أفضل؟ قال: «سَلِ الله العفو والعافية في الدُّنيا والآخرة» ، ثم أتاه الغد، فقال: يا نَبِيَّ الله؛ أيُّ الدعاء أفضل؟ قال: «سل الله العفو والعافية في الدنيا[ ] والآخرة»، فإذا أُعطيت العافية في الدنيا والآخرة، فقد أفلحت، قال الشيخ الألباني: صحيح.
ليلة الإسراء وليلة القدر:
سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية[ ] رحمه الله عن رجل قال: ليلةُ الإسراء أفضل من ليلة القدر، وقال آخر: بل ليلةُ القدر أفضل، فأيُّهما المصيب؟ فأجاب:
الحمد لله، أمَّا القائل بأن ليلةَ الإسراء أفضل من ليلة القدر، فإنْ أراد أن تكون الليلة التي أُسْرِيَ فيها بالنبي ونظائرها من كلِّ عام أفضل لأمة محمد من ليلة القدر؛ بحيث يكون قيامها، والدُّعاء فيها أفضل منه في ليلة القدر - فهذا باطل، لم يقله أحدٌ من المسلمين، وهو معلوم الفساد بالاطراد من دين الإسلام، هذا إذا كانت ليلةُ الإسراء تُعرف عينها، فكيف ولم يقم دليل معلوم لا على شهرها، ولا على عشرها، ولا على عينها؟! بل النُّقول في ذلك مُنقطعة مُختلفة، ليس فيها ما يقطع به، ولا شرع للمسلمين تخصيص الليلة التي يظن أنَّها ليلة الإسراء بقيام ولا غيره، بخلاف ليلة القدر.
ليلة القدر وليلة النصف من شعبان:
روي عن عكرمة رحمه الله أنه قال في تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ . فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 3-4]: أنَّ هذه الليلة هي ليلة النصف من شعبان، يبرم فيها أمر السنة، وينسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد، قال ابن كثير[ ] رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ . فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 3-4].
يقول تعالى مخبرًا عن القرآن العظيم أنه أنزله في ليلة مباركة، وهي ليلة القدر، كما قال عزَّ وجلَّ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} [القدر: 1]، وكان ذلك في شهر رمضان؛ كما قال تبارك وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]، ومن قال: إنَّها ليلة النصف من شعبان، كما رُوي عن عكرمة، فقد أبعد النجعة، فإنَّ نصَّ القرآن في رمضان. اهـ.
والحق أن هذه الليلة المبارك هي ليلة القدر، لا ليلة النصف من شعبان؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى أجملها في قوله: {فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3]، وبينها في سورة البقرة[ ] بقوله: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ} [البقرة: 185]، وبقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} [القدر: 1]، فدعوى أنَّها ليلة النصف من شعبان لا شك أنَّها دعوى باطلة؛ لمخالفتها النص القرآني الصريح، ولا شك أنَّ كل ما خالف الحق فهو باطل، والأحاديث التي يوردها بعضهم في أنَّها من شعبان المُخالِفة لصريح القرآن لا أساسَ لها، ولا يصح سند شيء منها كما جزم به ابنُ العَربِي وغير واحد من المحققين، فالعجبُ كل العجب من مسلم يُخالف نصَّ القرآن الصريح بلا مستند من كتاب ولا سنة صحيحة.
عن أبن أبي مليكة قال: قيل له: إنَّ زيادًا النميري يقول: إنَّ ليلةَ النصف من شعبان أجرها كأجر ليلة القدر، فقال ابن أبي مليكة: لو سمعته منه وبيدي عصا، لضربته بها، فعلى المسلم العاقل أنْ يطلبَ ليلة القدر، ويَجتهد فيها قدر الإمكان؛ حتى يَحوز ذلك الفضل العظيم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم«: اطلبوا الخير دهركم كلَّه، وتعرَّضوا لنفحات رحمة الله[ ] ، فإنَّ لله عزَّ وجلَّ نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله عزَّ وجلَّ أنْ يستر عوراتكم، ويؤمن روعاتكم» ، وعن محمد بن مسلمة قال: قال رسول الله: «إنَّ لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها؛ لعله أنْ يصيبكم نفحة منها، فلا تشقون بعدها أبدًا».
اللهم اجعلنا ممن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، واجعلنا من عتقائها يا ربَّ العالمين.
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
د. جمال المراكبي